- ما هي الفوائد الصحية والنفسية وكذلك الاجتماعية المترتبة على مزاولة المرأة للرياضة البدنية؟
تساعد الرياضة على الاحتفاظ بلياقة الجسم وتماسك عضلاته ومرونة مفاصله, وهو أمر ضروري للمرأة كما هو بالنسبة للرجل, وإن كانت الرياضات المحبذة للمرأة مختلفة نوعا ما عن تلك الخاصة بالرجل, وهذه الجملة الاعتراضية السابقة تدل على أنني لا أشجع التمارين الرياضية النسائية التي يقصد منها بناء العضلات, بل إنني من أشد المعارضين للرياضات المجهدة للمرأة والتي تفقدها شكلها الأنثوي الجميل والذي يجعل الرجل راغبا بها, على سبيل المثال ممارسة المرأة لرياضة كمال الأجسام أمر في منتهى البشاعة عدا أن له آثاره الجانبية الضارة نتيجة استخدام المرأة للهرمونات البانية للعضلات وهي هرمونات الذكورة كالتستوسترون ومشتقاته, لكن في نفس الوقت يجب أن نشجع المرأة على مزاولة التمارين الرياضية العادية مثل الأيروبيك والمشي والسباحة والرماية وركوب الخيل وما شابه لأنها تساعد على الاحتفاظ بجسم مرن عالي اللياقة.
أما من الناحية النفسية فإن العقل السليم في الجسم السليم, وللرياضة آثار منشطة للنفس وديننا يدعو إلى ترويح القلوب ساعة فساعة, عدا أن المرأة أو الفتاة التي تمارس الرياضة بشكل يومي تكون أقدر على تنظيم وقتها وعلى الاحتفاظ بالأفكار الإيجابية عن ذاتها وعلى ملء أوقات فراغها بالنشاطات المفيدة والهوايات الرياضية وأنها ليست محرومة مما هو مباح لأخيها الشاب, وبالتالي تكون أكثر إقبالا على الحياة مما يجعلها كذلك أكثر قدرة على التأقلم مع الأوضاع الاجتماعية المختلفة, إضافة إلى أن المنافسات الرياضية النزيهة بين الفرق النسائية – والمضبوطة بالشريعة – تثري خبرة المرأة من الناحية الاجتماعية وتزيد من التعارف بينها وبين مثيلاتها, والتعارف أمر أساسي في الدين لقوله تعالى
يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا).
2 ـ هل المجتمع السعودي في حاجة لمثل تلك الرياضات البدنية لكي يتم الدعوة لممارستها على نطاق واسع في المجتمع ؟؟
المجتمع السعودي ليس بدعا من المجتمعات, أي أنه يحتاج ما تحتاجه المجتمعات الأخرى من مواكبة للعصر دون التخلي عن الأصالة والهوية والخصوصية, فما المانع مثلا من إقامة مهرجانات رياضية نسائية أو منافسات السباق على الخيل على سبيل المثال؟ أشدد على أن تكون ضمن الأطر الشرعية كي لا يفهم كلامي على نحو خاطئ, فمثلا دعيت في الصيف الماضي لإلقاء محاضرتين في معسكر صيفي للبنات تشرف عليه السيدة الفاضلة الدكتورة فاطمة نصيف, وسررت كثيرا أن الفتيات يمارسن رياضة ركوب الخيل تحت إشراف مدربات إناث, وفي نفس الوقت علمت أن المشرفات يحرصن على إيقاظ الفتيات على صلاة التهجد وقيام الليل وليس فقط صلاة الفجر, مما جعل الفتيات يرتبطن بالمعسكر والمشرفات عليه لأنه يجمع بين الأمور الجادة والترفيهية, ويوفق بين الدين والدنيا, وهو الأمر الذي يجعل الفتيات المراهقات والشابات يتجاوزن الفصام النكد الذي يحصل بين الدين والدنيا عندما يتلبس المرء حالة من الزهد الكاذب أو يكتسي بقشرة من الورع المخاتل.
3 ـ هل ترين فائدة من الدعوات الإعلامية التي تدعو إلى تطبيق الرياضة البدنية النسائية في مدارس البنات في المراحل التعليم العام بالسعودية ؟؟
الدعوات الإعلامية التي تأتي من ضمن المجتمع السعودي أفضل بكثير من تلك التي ترد من الخارج, على سبيل المثال وصلني على بريدي الالكتروني صورة نساء غربيات يرفعن لوحة كبيرة كتب عليها: متى نرى المرأة السعودية في الأولمبياد؟ نعم من حق المرأة السعودية أن تشارك في الأولمبياد, لكن أي أولمبياد؟ وبأية كيفية؟ المرأة السعودية أجمل ما فيها حياؤها, وثقافتنا الإسلامية هي ثقافة الحياء بدءا من أبينا آدم وأمنا حواء عليهما السلام اللذين دعتهما الفطرة الخالصة لستر سوأتيهما بعد المعصية, إذ لم يكن ثمة أوامر دينية بتغطية العورة ولم يكن هناك أية شريعة وقتها, فالغرب تخلى عن الحياء ولا نريد أن نصل لما وصل إليه من انحدار أخلاقي رغم كل التقدم المادي والعلمي. وأما مطالبة المثقفين عبر وسائل الإعلام المختلفة – المقروءة والمسموعة والمرئية - الخاصة بالمملكة فهو شيء ضروري لأن مهمة النخبة المثقفة هو تهيئة المجتمع لتقبل القرارات الجديدة التي تطرحها النخبة السياسية مما فيه مصلحة المجتمع والأفراد.
4 - كيف يمكننا أن نرتقي بوعي المجتمع السعودي ــ ذي الطابع المحافظ ــ لتقبل تلك الرياضة البدنية النسائية ؟؟ وما هي الآليات التي من خلالها يمكن للمجتمع من تقبلها ؟؟
من الناحية الشرعية فإن الأثر - أو الحديث- الذي يأمر بتعليم الأولاد السباحة والرماية وركوب الخيل لا يقتصر على الذكور لأن الأوامر والمستحبات الشرعية موجهة إلى الجنسين معاً, وأنا شخصيا كنت ماهرة جدا بالرماية وما زلت حريصة على مزاولة هذه الهواية المحببة لي في الأماكن المتاحة وذلك اقتداء بالصحابيات رضوان الله عليهن اللواتي كن يرافقن الرجال في الجهاد ويركبن الخيل ويزاولن القتال بأنفسهن والأدلة الشرعية أكثر من أن تعد وتحصى, ويكفي مثالا أم عمارة رضي الله عنها التي دافعت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في موقعة أحد, وصدت عنه طعنة المشرك ابن قميئة فتلقت الطعنة في كتفها, وقال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كيف ما تلفت رآها تقاتل دونه, بل إنه أمر الفارين من الموقعة بأن يتركوا أسلحتهم لها لفرط شجاعتها وعظم تضحيتها في سبيل الله ورسوله, واستمرت على نهجها حتى بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام فقد قاتلت في موقعة اليمامة وقطعت يدها فيها وعادها الخليفة أبو بكر رضي الله عنه في بيتها, والسؤال: كيف يمكن لهذه المرأة أن تكون مجاهدة ومبارزة بالسيف وراكبة للخيل من دون أن تتصف بلياقة عالية؟! إذن مهمة المثقف الذي يحرص على مصلحة مجتمعه أن يؤكد على دور المرأة في المجتمع, ولا يمكن للمرأة أن تؤدي دورها إذا حرمناها من حقوقها, ولا يوجد أي مانع شرعي بنص آية أو حديث يمنع المرأة من ممارسة الرياضة, ومن المعلوم أنه عليه الصلاة والسلام سابق عائشة فسبقته مرة وسبقها مرة فقال: هذه بتلك. نعم هو طلب من الصحابة أن يتقدموا عنه ليستطيع أن يسابق زوجته دون أن يراها أحد, كما ذكرت عائشة أنه كان يريها لعب الأحباش في المسجد, واستنبطت منه أم المؤمنين رضي الله عها حكما هاما فقالت
اقدروا للجارية حديثة السن قدرها), أي لا تمنعوا الفتيات من رؤية النشاطات الرياضية, فلا مانع من رؤية المرأة للرجال وهم يمارسون الرياضة ولا مانع من ممارستها الرياضة بعيدا عن أنظار الرجال, وهذه أحكام شرعية لا تتغير بتغير الزمان والمكان, وما يتغير فقط هو الوسائل والأساليب لتكون مناسبة للعصر.
كل ما علينا فعله أن نفرق دائما بين العادات والتقاليد البالية وبين الشريعة والدين الذي هو دين الفطرة الصافية, والسعي بجد نحو التغيير التدريجي الذي يجب أن يدعم بفقه جديد ينطلق من الثوابت الحقيقية ويواكب المتغيرات الآنية, فالمجتمع السعودي مجتمع متدين بالفطرة لذلك كل صوت لا يخاطب هذه الفطرة مرفوض بالنسبة له, بل من الخطأ إجبار الناس على تغيير عاداتهم وتقاليدهم دون تأهيبهم لذلك, والتأهيب لن يكون إلا عبر آليات ووسائل تخدم الاتجاه الديني للمجتمع ولا تصادمه بتاتا مثل المحاضرات التوعوية والندوات الإعلامية والحوارات البناءة, فالتغيير يجب أن يكون بالإقناع عبر الحجج الشرعية علما بأن الشريعة أوسع وأعم من الفقه, فالفقه يخص زمنا معينا أما الشريعة فهي صالحة لكل زمان ومكان.